نفس ونفسية

الوسواس القهري: هل للشيطان علاقة؟ وكيف نتغلب عليه؟

https://f24.my/Ayly

 يُعد الوسواس القهري من الاضطرابات النفسية الأكثر تأثيرا على حياة الانسان، حيث يُصيب حوالي 2 إلى 3% من عامة السكان، فهو رابع أكثر الأمراض النفسية شيوعًا بعد الرهاب والإدمان والاضطرابات الاكتئابية. فما هو الوسواس القهري؟ وكيف يؤثر على حياة المصابين به؟ ما هي أسباب هذا الاضطراب العصبي النفسي؟ وهل ارتباطه بالشيطان والخرافة يعيق تعافي المرضى؟ كيف تؤثر العادات على المصابين ولماذا يفضلون اللجوء أحيانا إلى ما يسمى رقاة شرعيين؟ وأخيرا ما هي الحلول العلمية والطبية ليخرج المصاب من سجن الأفكار المتسلطة والسلوكيات الاجبارية؟ هذا ما سيُجيب عليه ضيوف هذه الحلقة من “في فلك الممنوع”.

ما هو الوسواس القهري:

الوسواس القهري ليس مجرد أفكار مفرطة أو رغبة في التنظيم، بل هو اضطراب يتجلى من خلال أفكار وسواسية وسلوكيات قهرية لا يمكن التحكم فيها. حسب ضيوفنا، الوسواس القهري هو اضطراب نفسي يتسبب في تكرار أفكار أو سلوكيات غير مرغوب فيها، مما يدفع الشخص للقيام بأفعال قهرية للتخفيف من القلق الناتج عن هذه الأفكار. وهناك نوعين لهذا الاضطراب، الأول يكون طبيعي ويرافق الشخص مند الطفولة أما الثاني فهو عبارة عن أفعال متكررة خارجة عن إرادة المصاب، وتؤثر على حياته اليومية بشكل كبير.

أسباب الوسواس القهري

أظهرت الدراسات التي أجريت على عائلات المرضى الذين يعانون من الوسواس القهري تأثير العوامل الوراثية في ظهور المرض، حتى لو بقي دورها غير محدد المعالم. تقدر نسبة التوريث عامة بنسبة 27-49%، ويرتفع هذا الرقم إلى 65% لدى الأشخاص الذين تظهر أعراضهم أثناء الطفولة أو المراهقة حسب المعهد الوطني الفرنسي للبحوث والصحة الطبية.

30% إلى 50% من المرضى البالغين الذين يعانون من الوسواس القهري، بدأ الاضطراب عندهم أثناء الطفولة، ودائما حسب اخر الدراسات حوالي 25% من حالات الوسواس القهري تبدأ قبل سن 14 عامًا و65 بالمئة قبل سن 25 سنة و15 بالمئة بعد 35 سنة. كما يعاني نسبة كبيرة من مرضى الوسواس القهري من اضطرابات عقلية متزامنة. ويعاني 75% منهم من اضطرابات القلق، و50 إلى 60% يعانون من الاكتئاب الشديد أو يتم تشخيص إصابتهم باضطراب ثنائي القطب.

هناك أيضا عوامل بيولوجية ونفسية للوسواس القهري تزيد من احتمالية الإصابة به، كما أن التغيرات في كيمياء الدماغ، مثل اختلالات في المواد الكيميائية المسؤولة عن نقل الإشارات العصبية، قد تسهم أيضًا في ظهور هذا الاضطراب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي التجارب الحياتية الصادمة أو الضغوط النفسية إلى تحفيز الأعراض أو تفاقمها.

الوسواس القهري والمجتمع:

 يرتبط الوسواس القهري بأفكار خاطئة كثيرة فيقترن الاضطراب في المخيلة الشعبية بالشيطان وبالمس بالجن، ليحل ما يسمى بالرقاة الشرعيين محل الأخصائيين والأطباء النفسيين. نتيجة الأفكار النمطية والخاطئة حول المرض هي انعزال المصابين عن محيطهم واختيار المعاناة في صمت ما يجعل الأزمة تتفاقم. يزداد خطر محاولة الانتحار بشكل ملحوظ لدى هؤلاء المرضى حسب الدراسات.

علاج الوسواس القهري

هناك العديد من الحلول العلاجية، منها:

العلاج السلوكي المعرفي: نوع من العلاج النفسي الذي يركز على تغيير الأنماط في التفكير والسلوك. تقول ضيفتنا الدكتورة سارة القسيمي، الاختصاصية في العلاج السلوكي المعرفي ان هذا العلاج يعمل على تعديل الأفكار السلبية أو غير المنطقية باستخدام تقنيات متنوعة مثل إعادة الهيكلة المعرفية والتمارين العملية لمساعدة الأشخاص في تغيير طريقة التعامل مع الأفكار.

الأدوية: أدوية مضادة للاكتئاب، تساعد المصابين في التحكم في أفكارهم وتصرفاتهم:

التحفيز العميق للدماغ: اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية استخدام التحفيز العميق للدماغ لعلاج اضطراب الوسواس القهري لدى البالغين من عمر 18 عامًا فأكثر، ممَّن لا يستجيبون لأساليب العلاج التقليدية. ويتضمّن التحفيز العميق للدماغ زرع أقطاب كهربائية داخل مواضع معينة من الدماغ. وتُصدِر هذه الأقطاب نبضات كهربائية قد تساعد في السيطرة على النبضات غير الطبيعية.

التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة: لقد اعتمدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية استخدام ثلاثة أجهزة للتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة -وهي: BrainsWay وMagVenture وNeuroStar- في علاج اضطراب الوسواس القهري لدى البالغين. وتُستخدَم هذه الأجهزة عندما يكون العلاج التقليدي غير فعّال. لا يتطلب التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة الجراحة. فهو يستخدم المجالات المغناطيسية لتحفيز الخلايا العصبية في الدماغ لتخفيف أعراض اضطراب الوسواس القهري. وأثناء جلسة التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، توضع وشيعة كهرومغناطيسية على فروة الرأس بالقرب من الجبهة. وتُصدر هذه الوشيعة نبضًا مغناطيسيًا يحفز الخلايا العصبية في الدماغ.

الجراحة: تستخدم الجراحة للحالات المستعصية.

ومع ذلك، يبقى الدعم الاجتماعي من العائلة والمجتمع أمرًا ضروريًا لمساعدة المصاب على التكيف والتعايش مع حالته بشكل أفضل.

الضيوف

  • الدكتور جواد مبروكي، أخصائي في الأمراض النفسية ومحلل نفساني، مكناس- المغرب
  •      د. سندس سارة لقسيمي، أخصائية في العلاج السلوكي المعرفي ومشرفة في الجمعية الفرنسية للعلاج السلوكي والمعرفي (AFTCC) – باريس – فرنسا
  •       مجد ساميا – مصاب بالوسواس القهري بيروت – لبنان

إعداد:سلمى بونجرة

فيديو:سلمى بونجرة

فرانس 24

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *