مسلسل “بويدونان” وجدلية الواقعي والخيالي

المصطفى امحور
ان تطور الاحداث والوقائع في المسلسل الدرامي “بويذونان” الناطق بامازيغية الريف، لسيناريست محمد بوزكو، واخراج طارق الادريسي، والذي يبث على القناة الامازيغية، تعكس في تشابكھا وتعقدھا تلاشي او انعدام الحدود الفاصلة بين الواقعي والخيالي، اذ يصعب، رسم حدود واضحة المعالم بين بداية الواقعي ونھاية الخيالي، وبين بداية الخيالي ونھاية الواقعي، ذلك ان حضورھما يتسم بالمحايثة والقصدية.
ھذا التلاشي مكن من الكشف عن الصراع الداخلي الذي تعيشه كل ذات/شخصية والذي عبره تشكلت وتتشكل العلاقات الاجتماعية بين ھذه الذوات/ الشخصيات (حب، عداوة، صداقة، خيانة، طمع، جشع…)، وفي دوامتھا تسقط اقنعة، وتوضع مكانھا اقنعة جديدة تتلاءم مع الصراع/ المكبوت الذي يمزق كل شخصية.
بقوة الصراع وحدته يتبدى الواقعي في صورة الخيالي الذي يمكن ان يكون استيھاما او ھذيانا او تحليقا في فراغ… تتم لحظته عملية البوح بصوت مرتفع عن المكبوت في صورته الاوديبية او الالكترا.
لقد استطاعت احداث المسلسل، عبر جدلية الواقعي والخيالي، تمثيل الواقع بشكل تجعلنا نشعر أنه نحن بكل أبعادنا وبكل تعقيداتنا ومشاعرنا وصراعاتنا الداخلية، وهنا تتجلى قوة الخيال الذي يستطيع كشف الدواخل الإنسانية وتمثيلها أمامنا، حيث يتجاوز الكلمة المكتوبة أو الصورة المشاهدة ليتحول إلى انعكاس لتجاربنا وعواطفنا التي لا يستطيع الجميع التعبير عنها أو تمثيلها ونقلها للآخرين.